الهروب من سورياممتنا لمضيفيه الالمان ،لاجيء قلق على عائلته في سوريا

في بعض الاحيان يقوم خلسة باحضار صور العائلة القديمة الى غرفته لأنه يحبها جدا حتى لو انت تم التقاطها قبل ولادته و حتى لو انها ليست عائلته. على الاقل العائلة التي ولد منها.

انه يجد سلوى من هذه الصورة الباهتة: الزوجين مع اطفالهم الصغار مبتسمين بسعادة 35 سنة مضى فيما كان يعرف بالمانيا الغربية, عالم اختفى حيث كان يعيش سابقا. لكن المانيا الان هي موطنه ايضا و الاشخاص في الصورة هم الان قائمي مقام نيابة عن من احبهم في العالم الذي تركه.

والداه بالاضافة الى اخوته لازالوا في سورية وهو قلق عنهم كل يوم, يتبادلون الرسائل على تطبيق الواتس اب او يتكلمون على الهاتف حين تسنح الفرصة. هو يعلم ان عائلته تخباء بعض الامور عنه كما في المرة التي تم اطلاق النار على امه و شقيقته امام المنزل في برهة قليلية بعدما انهى المكالمة معهم. لقد اخبروه عن ذلك لكن بعد عدة اسابيع لاحقا.

والداه يريدانه ان يركز على بناء حياته الجديدة في هذه البلاد الجديدة و الغريبة ذات التقاليد المختلفة و لغتها الغريبة و ان همل لم يستطيعا ان يتواجدا هنالك فهما سعيدان بان هذان الزوجين في هذه الصورة هم هنالك بدل عنهم. منذ اليوم التي حطت عينا ايفا لينكسدورفر ,الامراة المرحة ذات السبعين عاما, على مصطفي في احدى القاعات الرياضية و قد اخذته هي و زوجها تحت جناحيهما مقدمين النصائح و موفرين غرفة دافئة و مريحة هنا في قرية غروس شنيين.

اذا كان اردنا وصف شخص قام بترك بلده و هجر كل ما هو عزيز على قلبه بالمحظوظ فمصطفى كواسرة يعتبر محظوظا مرتين.

مصطفى كواسرة يصل الى اليونان في ايار فارا من سوريا. ايفا لنكرسدورفر وزوجها ولفغاتغ ثسن لنكرسدورفر في منزلهما مع مصطفى.

هو ممتن لانه وصل الى المانيا بسلام بعد رحلة مرهقة و مرعبة خلال اوروبا هذا الصيف. الحرب السورية الاهلية لم تعد تهدده مباشرة.

لكنه يعلم بانه هنالك درب خلاص ضيق اخر, بدلا من الجلوس في البيت في القرية محدقا بصورة العائلة محاطا بالامان وسط الغرف , يكاد يمكن لكواسرة ذو ال 22 عاما ان يعيش حياتا مختلفة اختلافا جذريا الان و في عز هذه اللحظة في المانيا.

كان يمكن ان يكون الان جالسا في وسط الحشود داخل معسكر اللاجئين الذي لا يبعد سوى ميلين من هنا. كان من الممكن ان يكون حاسا بالضياع و فقدان الامل وحيدا في فرايدلاند.

::

حد اللاجئين السوريين و هو يتكلم مع عائلته باستخدام هاتفه الخلوي.

مدينة فرايدلاند ذات المناظر الخلابة و الحقول الخضراء و التلال المشجرة بتعداد 1200 نسمة تفتخر بانها مدينة توفر العون لمن يحتاجه. لاكثر من 70 عاما و قد استضافاة معسكرا لللاجئين و الذي احتله في البدأ الملايين من الاشخاص ذو الاصول الالمانية و الذي تم طردهم من المانيا الشرقية بعد هزيمة هتلر.

اسم الشارع الرئيسي هو هايمكرستراسة و الواقع على اعلى التل ذو الواح الاربع السمنتية و التي هي نصب تذكارية لهؤلاء اللاجئين الاوائل و بلوائح تنص على تذكير الاجيال القادمة بوجوب صيانة الحرية و حفظ كرامة الانسان.

ايضا من ضمن الذين وجدوا مأوى في فرايدلاتد لعقود العديد من الاشخاص الهاربين من العنف في فيتنام او الحروب في البلقان خلال التسعينات من القرن الماضي.

لكن الان هذه المدينة و هذا المعسكر مكتظان و مزدحمتان. صبر و موارد فرايدلان الان تحت اجهاد كبير بسب سرعة و حجم اللاجئين القادمين.

نفس الشيء الان في جميع انحاء المانيا. اكثر من 750000 لاجيء معظمهم السوريين قد وفدوا الى البلاد في عام 2015 ضمن ما يعد من اكبر الهجرات الجماعية منذ الحرب العالمية الثانية. الحصيلة النهائية ممكن ان ترتتفع الى اكثر من مليون بنهاية هذا العام. لكن الابتهاج الذي صاحب هذا الصيف عندما رحب الالمان اللاجئين الوافدين بالتصفيق ناعمين بالاشادة الدولية بدور بلدهم في فتح الابواب مرحبة قد لا يدوم طويلا بسبب الواقع القاسي و المشاعر المترتبة عليه.

الشعبية الكبيرة التي تمتعت بها المستشارة انجلا مركل بدأت بالتهاوي بالاضافة الى انتقادات من نواب اعضاء نفس حزبها, الاتحاد الديمقراطي المسيحي , ذو التوجهات اليمنية الوسطية. بنما مجموعات اقصى اليمين بدات اطلاق شعارات مثل " القارب ممتليء" و التي تعادي شعارها " يمكننا ان نفعل ذلك لهم".

فرايدلاند بدورها لم تحصن من هذا التأثير. في شهر اب وجد سكان المدينة منشورات من الحزب الوطني الديقراطي ذو التوجهات شبه النازية في صناديق بريدهم بالاضافة الى ملصقات على اعمدة الانارة معلنة "نريد مارية بدل من الشريعة."

اي نريد مريم البتول بدلا من القانون الاسلامي.

احدى المشاكل هي ان معسكر فرايدلاند و الواقع وسط المدينة هو انه مصممم لاحتواء ما بين 700 و 900 شخص. في الشهرين الماضيين احتوى المعسكر على اكثر من 3500 شخص وربما حتلى 4000. لا احد يعرف على وشك التحديد لانهم قدموا بسرعة ولم اجراء معاملاتهم بالصورة المطلوبة. وخلال ليلة و ضحاها فاق عدد الوافدين عدد سكان المدينة بثلاث اضعاف.

عداد تعداد الوافدين في المعسكر الان هو 3000 شخص مما يعني ان على المدير, هينريش هورشيماير, ان يشق طريقه الى مكتبة وسط حشود الرجال و النساء و الاطفال المتمددين في افرشة على الارض وسط اروقة البناية الادارية.

وقال ذاكرا" الاولوية الان هو ايجاد مساحة كافية للجميع لكي يستطيعوا النوم."

الغرف المصممة لاستيعاب اربع اشخاص الان هي تحتوي على ثمانية و اكثر.

غرف الصفوف وردهة التلفزيون قدم تحويلهم الى مساحات للنوم مما وفر اسرة اكثر لكن على حساب خدمات الترفيه التي يوفرها المعسكر و الذي يتضمن العديد من الشبان الذين يواجهون الضجر المفروض عليهم.

احد اللاجئين و هو ينام في احد الغرف الرجال في معسكر فردناند.

العراك هناك ليس شيئا غير مألوف. غالبا ما يتم استدعاء الشرطة لفض العراك اثناء طوابير الطعام. عادة ما يستغرق ساعتيين للوصول الى الكافتريا.

الفعالية الرئيسية في المعسكر هي الانتظار. الانتظار خلال وجبة الطعام. الانتظار خلال فرز الملابس المهداة املا في الحصول على فردتي حذاء تلائم المقاس. انتظار المقابلة مع عامل الخدمة الاجتماعية او موعدك مع المستشاريين او انتظار موعدك لملاء قائمة اللجوء.

اجرائات التسجيل و التثقيف تم تأجيلها مهينة الحس الالماني بالنظام والكفاءة. طاقم هورشينماير المعبء بالثقل لم يستطع الا حديثا بأن يضع قائمة كاملة بكل من يعيش الان في المعسكر.

السوريين يتصدرون القائمة من حيث الاكثرية يليهم العراقيون ثم الافغان ثم الاريتريين يليهم نهاية الباكستانيون. يبدو ان السعة الرسمية للمعسكر اصبحت محطا للسخرية.

يقول هورشينماير ذاكرا: "لن نستطيع ان نخفف الى 700. هذا امر غير واقعي. لكن ان امكننا ان نصل الى ضعف السعة القسوى ذلك سيكون امرا حسنا."

::

سوزان شنايدر و التي تسكن عبر الشارع من المعسكر في بيت متواضع ذو المرج المقلم بعناية و صاحبة السلوك الودود و الذي يبدو انه تصارع بين تعاطفها تجاه الذين هم فروا بحياته و بين بعض الازعاج الذي يسببه بعض منهم.

نزلاء المعسكر احرار في الخروج من و الى المعسكر. تراهم يأخذون نزه على الاقدام في المدينة عابرين الكنيسة و السوبر ماركت و محطة القطار ومرورا بالبار المحلي. على مسافة ابعد تراهم يعبرون الجسر الممتد على نهر اللين.

مناظر من الحياة داخل المعسكر.

بعض النساء المحجبات يندهن على الاطفال وهم على الدراجات او ترى رجالا يتمشون و هم يتجرعون الصودا و في بعض الاحيان البيرة.

هنالك احتكاك قليل بين الاجانب و السكان المحليين ان كان ودودا او عدائيا.

لكن هنالك بعض الشكاوى. قسم من السكان اشتكوا انه عادوا ليجدوا اشجار التفاح الخاصة بهم و هي الان خالية من الثمار. او ليجدوا ان العاب اطفالهم او دراجاتهم الهوائية التي ما عادة يتركونها خارجا بسبب ثقتهم بجيرانهم الا و قد سرقت.

هنالك ازبال في باحات منازلهم و الضوضى في المساء و التي عادة ما ترافق عندما يتم استعداء الشرطة الى المعسكر.

شنايدر تعتقد انها لا يمكن ابقاء كلبيها في الباحة الامامية من الان و صاعدا: "الناس عادة ما يمشون قرب السياج و كلابي بصورة طبيعية تقوم بالنباح. لقد جمعت سلة مليئة من العصي التي قاموا برميها على كلابي."

أيدكا و هو اسم السوبر الماركت المحلي و المدار من قبل العائلة المالكة له في شارع هايمكرستراسة هو من المكانات القليلة التي يحتك بها السكان المحليين مع الوافدين. عدد الزبائن قد تضاعف. في العام الماضي كانوا يبيعون 40 رغيفا من الخبز يميا الان هم يبيعون اكثر من 200 في اليوم حسب ما ذكر المدير تانجا غونشور.

الوافدون الجدد عادة ما يشترون السلع الاساسية مثل الزيت و البقول و الطحينو التي تجاب اراحا كثير حسب ما ذكر غونشور. احيان الزبائن يقومون بتمزيق الغلاق ليعفوا فما اذا ما كان السلعة كانت كاتجاب او الباربكيو صوص او اذا ما كان سكر او ملح لانهم لا يقرأون الالمانية. القليل من الملصقات باللغة العربية ساعدت بالحد من هذه الممارسة.

لكن المتجر ايضا يعني بسبب مخاوف السكان. لقد اخبروا غونشور بأنهم الان يتجنبون شراء الفاكهة و الخضار بسبب خوف احتمال عدوى امراض ربما يحملها الوافدين نتيجة قيامهم بلمس و تفحص الخضار و لكونهم لم فحصهم طبيا بعد في المعسكر.

"انا اخبرهم بأني اخذ معي الى البيت قسم من الخضار و الفواكه و لم اصب قط بأي رشح الى حد الان" ذكرت لنا غونشور ذو 40 عاما و ذات الاوسام الواضحة خلف اذانها" من يستطيع ان يثبت بأن الالمان بذاتهم هم خالين من الامراض؟ هل لدى كل واحد تقرير طبي يثبت ذلك؟"

السكان المحليون القلقون رفعوا موضوع الصحة في اجتماع مصحوب بالتوتر في بناية البلدة في شهر تشرين الاول و حضره اكثر من 300 شخص. وكذلك طالبوا بمعرفة الى متى سيبقى المعكر مزدحما.

اندرياس فريدريش عمدة منطقة فرايدلاند قال بانه طالب الحكومة الفدرالية في برلين بالمزيد من الموارد لكن وصولها لازال بطيئا.

"لقد اخبرت وزير الداخلية بأن حتى الحصان القوي يمكن اجهاده لكنه كرر ذكر ما يقوله دائما: نحن نحاول بكل ما بأستطاعنا وانا بدوري اجبت اذا حاول ذلك بسرعة."

::

شرطة مكافحة الشغب تفرق المظاهريين المساندين للهجرة عن المتظاهررين المناوئيين لها خلال مظاهرة مناهظة للهجرة باد فالنغبوسل في المانيا.

كواسرة وصل الى فرايدلاند في شهر اب و كان مصدوما بسبب اوضاع المعسكر لكن هذا الازدحام كان في صالحه.

لقد غادر سوريا في شهر ايار قبل شهور قليلة من تخرجه و حصوله على شهادة في القانونلكن الوضع في ادلب, مدينته الام, كان مترديا بحيث ان الشباب اليافعين كانوا يجبرون على القتال لاحد الاطراف المتنازعةو فكرة بقاءه للحصول على شهادة لم تعد منطقية.

شهرين من التسفار القاسي من تركيا الى اليونان ثم الى مقدونيا ثم الى صربيا و عبورا النمسا و المجر و اخيرا في ميونخ المانيا. و من هناك اخذ القطار الى مدينة نورنمبيرغ شمالي برلين هذا كان لديه هناك احد المعارف. لكن في محطة قطار نورنمبيرغ غير رأيه و قرر تسليم نفسه للشرطة في منتصف الليل.

"قلت لهم هالو اني سوري و اجابوني مرحبا بك " قال كواسرة متذكرا. بدأوا بطرح الاسئلة عليه و لكن بعد ملاحظة انه كان متعب و شديد الارهاق سالوه فيما اذا كان قد حصل على كفايتة من النوم و سألوه اذا كان يحتاج ان ينام. هز رأسه موافقا و قادوه الى زنزانة السجن لكن دون ان يقفلوها عليه.

"لقد كانت من الاجمل المكانات التي نمت فيها في حياتي." بعد يومين تم ارساله الى فرايدلاندلكن المسؤولون في المعسكر اخبروه انه ليس لديهم مكان كافي. بعد بقائه لمجرد ساعتين تم ارساله برفقة قسم من الوافدين الجدد الى منشاة تم تحضيرها بسرعة لاستيعاب الوافدين الجدد. كانت صالة الالعاب الرياضية في مدرسة كارل فريدريش غاوس لتكون معسكرا عموميا هنا في قرية غروس شنيين.

لقد كانت افضل مقارنة بالمعسكر لكن ليس ما ندعوه بالجنة. حشود من الناس تنام في نفس الغرفة في طابور بعد طابور من الافرشة.

لقد شعر بالاكتئاب في اول يوم له غروس شنيين و قعد جالسا و عيناه تلامس الارض و سرح بافكاره بعيدا.لقد اخذت الشرطة هاتفه الخلوي كاجراء امني احترازي لحين انتهاء التحقيق الامني عنه. لم تكن لديه اي وسيلة للاتصال باهله في ادلب او بأخويه المستقران في امريكا و برطانيا و الذان ايضا فرا من سوريا نتيجة العنف.

احدى المتطوعات الودودات و المتلهفة سالت فيما اذا كان بأستطاعتها توفير العون. تكلمت معه بالانكليزية و التي كان هو بدوره يتكلمها ايضا. متعلما قسما منها في المدرسة و اكثر من اغاني تايلور سويفت و فلمه المفضل سريع و غاضب.

اخذته المرأة الى مركز الشرطة لتسأل على هاتفه وجوازه و الذان تم احتجازهما. نعم انهما الكفالة القانونية الان و سيستغرق وقتا قبل ان يعادا اليه.

في الصباح التالي المرأة والتي لم تكن سوى لنكرسدورفر اتت الى المدرسة و اعطته هدية. هاتفا خلويا قديم مع السم كارد لكي يخابر اهله المتلهفين و الذين لم يسمعوا اي خبر عنه لايام.

بعد ذلك اصبح كواسرة و لنكرسدورفر اصحاب. بكونها مدرسة متقاعدة كانت تاتي الى المدرسة كل يوم لاعطاء دروس باللغة الالمانية لللاجئين. و هو كان مساعدها بفضل تكلمه العربية و الانكليزية و التي جعلته يساعدها في تضيق الفارق بينها و بينهم.

داخل معسكر فرايدلاند اللاجئيين يمضون وقتهم اما بنتظار الطعام او المعلومات.

بعيدا عن الصف كان الاثنان يندرجان متحادثين لساعات حول كل شيء من السياسسة ( هو يريد رحيل الاسد لكن دون عنف) , الدين ( هو مسلم و هي ملحدة) مساوة الرجل و المرأة ( كلاهما ساندان هذه القضية) حقوق مثليي الجنس ( هو ضد و هي مع). المدرسة لنكرسدورفر بدأت تعلم صديقها اليافع الجديد حول نواحي من الجتمع الالماني مثل دقة المواعيد و التفاني و ساعدته في البحث حول سبل لاكماله دراسته في المانيا.

بعدما غمرت الامطار صالة الالعاب في اواخر شهر اب مجبرة اللاجئين للانتقال الى مدرسة اخرى هنا لنكرسدورفر اتخذت قرارا سريعا.

"في احد الايام عاد زوجي من العمل الى المنزل و اخبرته ان مصطفى هنا معنا في البيت. سوف يعيش معنا. لقد كنت اعلم بسبب عشرتي معه لاكثر من 40 عاما بانه سيكون متفقا معي."

ولفغانغ ثسن لنكرسدورفر لم يتردد بلحظة بالموافقة. هو و وزوجته معا من المساندين الفخوريين لقضية اللاجئين و كلاهما يأتيين من خلفية يسارية . صندوق بريدهما يحمل عبارة لدينا سرير لك يا سنودن مأشرا رغبتهمت في ليس فقط استضافة كواسرة بل حتى ادوارد سنودن المتاعقد الامني الامريكي السابق و الذي سرب معلومات امنية سرية.

ولف 63 عاما و المتقاعد حديثا ليس لديه صبر تجاه مواطنيه الالمان و الذين يعتقدون بان عليهم رفض لجوء كواسرة.

"ماذا علينا ان نفعل هل نقوم بأطلاق النار عليهم؟ او نغرق قواربهم؟ او ان نبني جدارا عازلا؟" قال مضيفا" نحن بلد غني. نحن بلد كبير... لقد استوعبنا المانيا الشرقية. لماذا الان هؤلاء اصبحوا مشكلة؟"

أيفا و زوجها ولفغانغ يتمشون مع مصطفى في مدينتهم. مصطفى ابتدأ دروسه في تعلم الالمانية مع ماريلينا ان. بسبب مقدرته على التحدث بالانكليزية هو يساعدها على ترجمة العربي لبعض الطلاب.

::

في شهر ايلول وقف كواسرة امام جمع من المراهقين بعدد الاصابع في مدرسة كارل فريدريش غاوس و هي نفس المدرسة التي امضى فيها اياما عندما كان هؤلاء التلميذ يتمتعون بعطلتهم الصيفية حينها. مرسهم طارق ذيبي كان قد دعاه للتحدث معهم في صفه.

"اردت ان اساعدهم في التخلص من الاجحاف و التحيز الذي يحملونه" كما قال ذيبي. احدى الفتيات اخبرته بان طالبي اللجوء الذين رأتهم يبدون اكثر من طبيعيين ليكونوا لها بمثابة محتاجيين للجوء. انها لا ترى ايا منه و قد فقد احد اطرافه او علامات جروح سببتها الطلقات النارية.

ذيبي سأل مصطفى قبل حضوره فيما اذا كان لديه مولضيع لا يرغب بالتحدث بها معهم الا ان مصطفى اخبرع انه لا يمانع في التكلم عن اي شيء.

الاسئلة التي وجهت له ذلك الصباح كانت شخصية و مباشرة.

كيف يمكن للاجيء ان يقدر على شراء هاتف خلوي ذكي؟

كم من المال توجب عليه دفعه لكي يصل من سوريا الى المانيا؟

هل لديه حبيبة؟

اجابهم شارحا بان لا يتجرأ ان يأخذ هذه الرحلة من دون ان يستخد هاتف خلوي ذكي مزود بنظام تحديد المواقع من اجل تسهيل تحديد الموقع و توفير سبيل للاتصال مع الاهل في الوطن. الهاتف كان بمثابة خط حيوي.

وبأن رحلته كلفت اكثر من 4200 دولارا متضمنة 2150 كلفة الرحلة الخطرة من تركيا الى اليونان و 1600 اضافية للمهرب ليقوده هو اخلرين بشاحنة مكتظة خلال المجر و الى النمسا و من دون توقف و لساعات.

و لا ليس لديه حاليا حبيبة لكن كان اديه احاهن في السابق.

عندما كان في سوريا كان خجولا و قليل الاصدقاء لكن بعد رحلته خلال اوروبا لوحده ثقته بنفسه تعززتز هو الان يبدأ بالحوار مع الغرباء بسهو لة ومصمما عل التاقلم مع محيطه.

هو يرى في المانيا امكانية الحياة بالطريقة التي يريدها في مجتمع حر و ديموقراطي حيث الناس يتبعون القانون.

في نهاية شهر تشرين الاول ابتدأ حضور دروس اللغة الالمانية معززا ما تعلمه من جانب لنكرسدورفر. قامت بقيادة السيارة و اخذته الى اول يوم له في المدرسة في غوتنغن على بعد 8 اميال حالها حال اي ام مهتمة بأطفالها.

كلاهما كانا منزعجيين قليلال بسبب حضورهم متأخريين لانهم مسؤل المدرسة اخبرهم عن وقت خاطيء لبداية الدوام.

"هذا امر سيء" قال كواسرة "هذا لا يجعله المانيا" بينما اجابت لنكرسدورفر "انت اكثر المانية منه."

بعد دقائق من وصوله كواسرة قام بتقديم نفسه للمعلمة و التي كانت امرأة شابة تدعى ماريلينا ان و بقي قربها بينما استمر بقية الطلاب بالتوافد و الذي كان معظمهم مثله من الذين يتكلم العربية. ان اخبرته "ان مترجمي الرسمي الخاص" ليستنير وجه كواسرة.

حديثا انتقل من منزل لنكرسدورفر الى غرفة خاصة به عثرا عليها الزوجان له في غوتنغن لانهما كانا ينويا ترك البيت و قضاء الشتاء في اسبانيا. لكن هو لازال يراهما بشكل منتظم. هما يأخذناه عادة لمشاهدة كرة اليد في ملعب غوتنغ الرياضي الكبير حيث هو يتعلم بتشجيع الفريق المحلي كما تفعل ايفا. كما انه التقا بأبنهما و ابنتهما. الطفلان الصغيران الذان رأهما في تلك الصورة التي يحبها كثيرا. هما الان فردان يافعا و اكبر منه بالسن.

ايفا تعطي مصطفى الارشاد في كيفية اخذ الباص ليحضر درسه بالالمانية. مصطفى بالوسط حاضرا شوط في كرة اليد مع ايفا و ولفغانغ.

في بعض الاحيان ايفا لا تستطيع ان تتمالك نفسها و تساله: "لو كنت انا قد اتيت هل كان والداك سيحتضناني لو اتي سألة المساعدة؟"

يتأمل للحظة قبل الاجابة. ربما ليس بنفس الطريقة. بيته في ادلب ليس واسعا مقارنة ببيتها لكنه كان على ثقة بكرم والديه. كان واثقا بانهما سيقدما يد العون لمن يطلبها." هنالك عدة طرق لتقديم المساعدة" ذكر قائلا.

هو الان يستقر في حياته الجديدة لكنه يعلم بان باله لن يهدأ حتى يغادر والداه واخوته سوريا. لازال تراوده كوابيس حيث يترأى له والدته و اخته و هن يصبن بأعيرة نارية حتى لو انه لم يكن هنالك عندما حصل هذا الامر. و كوابيس اخرىوهو وسط الغابة بين المجر و صربيا وهو يتسأل لماذا عليه ان يأخذ هذه الرحلة مجددا الى المانيا؟

ليستيقظ و قلبه يخفق بقوة و هو مشوش ليعود و يدرك بأنه لازال في المانيا و بان لديه عائلة ثانية لترعاه.

قبل عدة سنوات رممت عائلة لنكرسدورفر البيت و من ضمنه الغرف متأملين بأن عائلتهم ستكبر لكن ابنهما و ابنتهما لم يعطييهما احفادا الى هذه اللحظة. "هو سيكون حفيدنا" قالت ايفا مبتسمة و هي تشر نحو كواسرة بينما هو اجاب "انا سعيد بكوني ذلك."

قال ذلك و عيناه بداتا تميل الحمرة بسبب الدموع.

تصميم: ليلي مهاليك و ترجمة: سيف العزاوي. تعليق الصورة الرئيسية: مصطفى كواسرة 22 عاما ترك عائلته في سوريا في ايار 2015 للبحث عن مستقبل افضل. هو يخطط لحياة جديدة في المانيا.