الافتتاحية|على السعودية وضع حدّ لنظام ولاية الرجل وأن تسمح للمرأة بالقيادة
عندما سمح حُكام السعودية للنساء بالترشح للانتخابات البلدية والتصويت فيها الأسبوع الماضي، خطت المملكة الصحراوية خطوة صغيرة لكنها تاريخية، نحو عهد من المساواة بين الجنسين؛ لتلحق بركب جاراتها في الشرق الأوسط، من الدول التي منحت بالفعل للسيدات حق التصويت، ولتفقد تلك السمة التي كانت تميّزها: الدولة الوحيدة على وجه الأرض التي يتولى رجالها العملية الانتخابية حصرًا.
لكن ليست هذه البادرة إلا النُذر اليسير كحركة إصلاحية. إذ وصلت النساء إلى مراكز الاقتراع تغطيهن العباءات والحجاب من قمة الرأس حتى أخمص القدمين، وأدلين بأصواتهنّ في مراكز اقتراع منفصلة للنساء، تقف خارجها سياراتهنّ التي ينتظرهنّ فيها بالضرورة سائقون من الرجال. لا شك أن منح المرأة الحق في الترشح والتصويت مسألة مهمة رمزيًا، لكن الانتخابات السعودية لم تكفل للناخبين – رجالًا ونساءً – إلا قدر ضئيل من السلطة. (السلطة تبقى في عهدة الوزارات). في الوقت نفسه، ما زالت المملكة واحدة من أشدّ الدول قمعًا في العالم من حيث حقوق الإنسان بشكل عام، وفيما يخصّ النساء تحديدًا.
ما زالت المملكة واحدة من أشدّ الدول قمعًا في العالم من حيث حقوق الإنسان بشكل عام، وفيما يخصّ النساء تحديدًا.
بموجب تفسير السعودية المُحافظ للإسلام، فعلى النساء تغطية أجسادهنّ بالكامل في الأماكن العامة، ولا يُسمح لهنّ بقيادة السيارات. تحدّت بعض النساء هذا القانون –
وبينهنّ واحدة ترشحت في الانتخابات – وتم سجنهنّ. أما الأمر الأشدّ قمعًا فهو أن المرأة السعودية يحكمها ولي أمرها، الذي يجب أن يمنحها إذنه قبل أن تستخرج جواز سفر أو تتزوج أو ترتاد الجامعة.
تعهدت الحكومة بإلغاء نظام ولاية الأمر، لكن لم يتحقق وعدها بعد. من حيث القانون، يمكن للمرأة العمل دون موافقة ولي الأمر، لكن يطلب بعض أصحاب العمل موافقته على كل حال. هذه القواعد مترسخة بقوة في الثقافة السعودية، ووتيرة التغيير بطيئة للغاية.
حان الوقت لكسر هذه القيود، سواء الثقافية أو الاقتصادية. تحصل نساء سعوديات على درجات جامعية أكثر من الرجال، لكن أقل من رُبعهنّ يعملن داخل المملكة. ضمان
أن للنساء القدرة على شغل الوظائف وأن يتم تمكينهنّ من الوصول لأماكن العمل دون مساعدة – عن طريق قيادة سيارة – لا يكفل لهن فحسب الاستقلالية المُستحقة تمام الاستحقاق؛ إنما يساعدهنّ أيضًا على رفع متوسط دخل الأسرة وتحسين الاقتصاد ككل، الذي تباطأ نموّه كثيرًا.
كان الملك الراحل عبدالله هو الذي وعد في عام 2011 بالسماح للنساء بالمشاركة في الانتخابات هذا العام، وحافظ الملك سلمان – في خطوة نابهة – على هذا الوعد. بالبناء على النجاح المُتحقق في الانتخابات (لم تترشح النساء فحسب – بل فازت بعضهنّ أيضًا)، يجب أن ترى الحكومة السعودية أن لحظة الدفع لمزيد من الإصلاحات قد حانت. يجب أن تُلغي قوانين ولاية الأمر للرجل على المرأة، ومعها القواعد المانعة لقيادة المرأة. هذه التغييرات تدفع نحو حماية حقوق الإنسان، وهي في الوقت نفسه – وليست هذه بالمصادفة – منطقية تمامًا سواء اجتماعيًا أو ثقافيًا أو اقتصاديًا.
لمتابعة قسم الآراء على تويتر: @latimesopinion وعلى الفيسبوك